الإسلام
في حقيقته دين العدل والحرية والتسامح والسلام ،
والذين يحاولون ابراز غير هذه الصورة لا يمثلون
الإسلام ولا ينطقون بلسانه ..
والواجب علي المسلم أن يلتزم بالعدل في القول
والأمانة في النقل والانصاف في الرأي في مواجهة
الخصوم من المسلمين وغير المسلمين00
والصدام الواقع بين السنة والشيعة منذ قيام الثورة
الإسلامية في ايران وحتى الان والحملات العدائية
المستمرة بينهما يجب أن تتوقف وأن تضبط بخلق
الإسلام ..
والخلق يعنى الالتزام بالصدق فى القول والأمانة فى
النقل وامتلاك أدوات البحث العلمى وهضم الطرح
الشيعى والسنى على السواء00
لكن الملاحظ أن القائمين على هذه الحملات التى
تقودها مؤسسات وصحف ورموز قد خرجوا عن حدود هذه
الخلق وبالتالى وقعوا تحت سيطرة العقل المذهبى
وعقل الماضى 00
و أصبح سلاح هذه الحملات الدائم هوالتحريض والسب
واللعن وقدر كبير من التعصب والخصومة التي جاوزت
حدود العقل والعدل والأدب00
من هنا كان اعتماد هذه الحملات على التصيد وكشف
العورات وإطلاق الاتهامات وهي لغة لا تستقيم مع
خلق الإسلام وأصول البحث العلمى 00
وبغض النظر عن هذه الحملات فإنه من الواجب علينا
التسليم بأن هناك أزمة قائمة بين السنة والشيعة
بسبب الموروثات التي يتمسك بها الطرفان ..
وهذه الموروثات تتمثل في ذلك الكم الهائل من
الروايات والنصوص التي تقود إلي الغلو في الصحابة
عند أهل السنة ، والغلو في أهل البيت عند الشيعة
00
ان مسألة السنة والشيعة لا يمكن قراءتها دون بعدها
التاريخى الذى ولد لنا هذه الموروثات التى انشغل
بها المسلمون اليوم وأدى انشغالهم بها الى
الابتعاد عن روح وخلق القرآن00
وأرى انه من الواجب على أن أؤكد أن هناك العديد من
الجهات التى تزكى الخلاف والفرقة بين المسلمين
وتدعم الحرب الدائرة بين الشيعة والسنة00
وهذه الجهات لا تنحصر فى دائرة القوى المتربصة
بالإسلام والمسلمين فقط وإنما يمتد وجودها إلى
دائرة المسلمين أيضا 00
والأمر الملفت للنظر هو أن فقهاء ورموز السنة
والشيعة تركوا ساحة الدعوة خالية أمام دعاة
التحريض والفرقة يشعلون نار الفتنة بين المسلمين
دون تدخل حاسم منهم مما فرض علينا أن نعرض لكل صور
الطعون والشبهات التى أثاروها من خلال منشوراتهم
التى أغرقوا بها الأسواق والتى تدل على أن هناك
جهات تدعم هذه الحالة00
ودعاة التحريض عادة يفتقدون إلى الخلق الذى يوجب
عليهم أن يعلموا أن ما يفعلونه وما يقومون به ليس
من الواجبات الشرعية فى شىء فالدين لا يفرض على
المسلم أن يتصيد عورات الأخرين ويفتش فى عقائدهم
ويشغل المسلمين بها خاصة إذا كان لا يملك الوعى
والإحاطة بأصول الدين وفروعه ولم يتشبع بحقيقته
التى تقوم على أساس العدل والإنصاف للآخر00
وسوف يلاحظ القارىء من خلال مناقشتنا لمنشورات
دعاة التحريض مدى الغفلة وقلة الوعى والخلل فى
النقل التى تعكس سيطرة عقل الماضى والعصبية
المذهبية على كاتبى هذه المنشورات الذين غابت عنهم
حقيقة هامة وهى أن التسنن متداخل فى التشيع
والتشيع متداخل فى التسنن00
والحرب القائمة هى حرب بين السنة والشيعة أى بين
مذهب ومذهب لا بين التسنن والتشيع 00
وهى حرب فرضها التيار السلفى الوهابى على واقع
المسلمين بدافع الحفاظ على وجوده فى مواجهة المد
الشيعى المتنامى ولا صلة للإسلام والمسلمين بها0
ذلك التيار الذى فرض نفسه وصياً على الإسلام وحتى
على أهل السنة00
وهو ما سوف يتضح من خلال هذا الكتاب الذى يهدف
الى وضع حد لفهم الآخر وقبوله00
ووضع حد للبحث العلمي والنقل الموضوعي وأدب الخلاف
في دائرة الدين ..
وايجاد ميزان لضبط حركة التناول لقضايا الدين وحسم
الخلاف بين المسلمين 00
وهو محاولة لدفع المسلمين إلي الانشغال بالقضايا
الكبري والمصيرية التي تفرض نفسها علي ساحتهم
اليوم00
و عسى أن نكون قد وفقنا من خلال
صفحات هذا الكتاب في عرض أفكار و عقائد
الطرفين من خلال مصادرهما المعتمدة وإلقاء الضوء
على طبيعة الخلاف بينهما راجين الله سبحانه أن
يكون ذلك سبيلاً لتحقيق التعارف بين المسلمين الذي
هو مقدمة ضرورية لتوحيد صفوفهم و كلمتهم ..
.
