هذه قضية من القضايا الفقهية التي كثر فيها الجدل بين أهل الحلّ وأهل التحريم إلا أن الفقهاء تجاوزوا حدود الموقف الفقهي وأعلنوا الحرب على المتبنّين موقف الإباحة معتبرين هذا الموقف نصرة للفحشاء ودعوة الى الزنا..

ومثل هذا الموقف المتطرف إنما يعكس منهج الفقهاء في مواجهة المخالفين لنهجهم ذلك الموقف الذي ينبع من اعتقادهم أنهم أهل الحق والطائفة الناجية من النار المنصورة من الله سبحانه.

وليست قضية زواج المتعة التي نناقشها في هذا الكتاب سوى واحدة من تلك القضايا الخلافية التي تلقى الضوء على أزمة التناول الفقهي تلك الازمة التي أدّت الى قلب الحقائق وتحويل الفروع الى أصول وخلط الفقه بالعقيدة من أجل احراج الخصوم وارهاب المخالفين.

والفقهاء في مواجهة القائلين بإباحة زواج المتعة استخدموا سلاح الارهاب الفكرى بخلط زواج المتعة بالزنا، وبالتالى دخلت القضية دائرة الأصول والعقائد إذ ما دام هذا الزواج صورة من صور الزنا. فمعنى هذا أن الذي سوف يقدم عليه من المسلمين سوف يقع في دائرة الحرام. وأن الذي يقول إباحته كأنه يبيح الحرام ومثل هذا الموقف يدخله في دائرة الاستحلال أى استحلال ما حرم الله وهو كفر.

من هنا فرّ المسلمون من ساحة الاجتهاد حول هذه القضية وغيرها من القضايا التي يتطلب الخوض فيها كسر العديد من الحواجز التي وضعها الفقهاء والتي تراجع الكثير من الكتاب

والباحثين أمامها، وأول هذه الحواجز الروايات..

ولقد تحصّن الفقهاء في موقفهم بكمٍّ من الروايات التي تؤكّد تحريم زواج المتعة. لكن الجانب الآخر لديه ما يدعم به موقفه من الروايات أيضاً، بل إن روايات الحظر يمكن أن تدعم موقف القائلين بالإباحة..

ومادام قد تساوى الموقفان فإن القضية بهذا تدخل في الدائرة الفقهية التي يجوز الاخذ والرد فيها. والتي توجب من باب الموضوعية والادب العلمي عذر الفقهاء للطرف الآخر طالما هو متسلح بالدليل الذي يبرهن به على صحة اجتهاده..

وفي دائرة هذا الكتاب سوف نعرض لادلة الطرفين:

الذين يقولون بالتحريم..

والذين يقولون بالإباحة..

وسوف نقوم بمناقشة أدلة الطرفين مع إلقاء الضوء على قضية تطبيق زواج المتعة وما تحوم حوله من شبهات.

لقد ظلّ زواج المتعة مطموراً تحت كمٍّ من الروايات والفتاوى التي تحرّمه وقد آن الاوان ليبرز من جديد ويؤدي دوره ورسالته التي شرع لأجلها والتي بات مجتمعنا في أمسّ الحاجة لها اليوم..